الجامع الأموي بدمشق


الجامع المعمور،  مسجد التين ، جامع بني أمية، هي أسماء للجامع الأموي بدمشق ، أول مسجد بني في الشام والذي يعد  واحدا من الآثار العمرانية الفريدة .

أُقيم هذا المسجد مكان معبد وثني  كان  يعبد فيه الإله(حدد الارامي) اله الرعد و المطر في تاريخ ما قبل الميلاد،  وعندما غزا الرومان دمشق عام 64م أقاموا فيه معبدا للإله جوبيتر،   أما في سنة 391م،حُول معبد جوبيتر إلى كاتدرائية،  وعندما دخل الفاتحون إلى أرض الشام اتفقوا مع النصارى على تقسيم الكاتدرائية  إلى جزئين جزء للمسلمين يؤدون فيه صلاتهم وجزء آخر يبقى للنصارى،  و استمر الحال إلى أيام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك  فكان النصارى يصلون صلاتهم  فيؤذن المسلمون فيزعجونهم،  و يُصلي المسلمون فيضرب النصارى النواقيس فضاق المسجد بأهله، عندها  قرر الوليد  أن يفصل المسلمون عن النصارى نهائيا بدون أن ينقض العهد الذي كان بينهم وبين الفاتحين الأوائل، وبذلك أرجع للنصارى  جميع الكنائس المصادرة الأخرى في المدينة  كتعويض لهم ،  وأمر بتهيئة المسجد  عام 705م،  و خلال عمليات الحفر و البناء عَثَر البنائون على مغارة كما نقل لنا المؤرخ ابن العساكر فخبروا بها الوليد فنزل اليها و الشموع بين يديه فوجد كنيسة صغيرة  فيها صندوق فيه سفط قفة فيه رأس سليم الجلدة و الشعر مكتوب عليه أنه رأس  يحيى بن زكريا  فأمر بتركه على حاله وجعل للعمود القائم على المغارة علامة تميزه،ولم يتخذ الوليد على الرأس  قبرا لأنه لم يثبت عنده أن الرأس لسيدنا يحي عليه السلام . 

و الثابت أن تاريخ سيدنا يحيى بن زكريا الذي يسميه النصارى يوحنا المعمدان أنه كان على عهد سيدنا عيسى عليه السلام  وأن الامبراطور الروماني أمر بقتله وسُلم رأسه إلى تلك المرأة  التي طالبت برأس يحيى فعبثت به ولم يُعلم مصيره ، والأرجح أنه  قتل في الأردن قبل بناء المسجد الأموي بمئات السنين فكيف  وصل الرأس إلى هذه المغارة؟ وحتى وإن فرضنا صحة الخبر الذي رواه المؤرخ ابن عساكر أنه تم العثور على رأس عليها إسم يحيى فقد تكون لقديس أو ماشابه ذلك والله أعلم. 

ويقال أن هذا الرأس بقي على ذلك الحال فترة ثم وضع فوقه لاحقا  تابوت عليه اسم يحيى   وقد رآه ووصفه الرحالة  إبن جبير في أواخر القرن  السادس هجري،  ثم  الرحالة إبن بطوطة في القرن الثامن هجري  وبعدها أقيمت  عليه قبة، وهذا الضريح يقع اليوم  في الجهة الشرقية من حرم المسجد الأموي. 

أُضِيفت للمسجد الأموي  الكثير من الاضافات التي زادت من جماله وروعته  في العصر العباسي وظل محافظا على جماله إلى غاية عهد الدولة الفاطمية لتعرضه للحريق،  ومن ثم لم يحافظ الجامع على الشكل الذي بُني عليه ، كما تعرض بعدها في عصور لاحقة  لحرائق و زلازل عدة فتفطرت بعض أركانه ومآذنه الثلاث وتغيرت معالمه الأصلية. 

يضم المسجد بداخله أربع صالات واسعة سميت المشاهد بأسماء الخلفاء الراشدين الأربعة،كما يضم  أربعة محاريب للدلالة على المذاهب الإسلامية الأربعة داخل حرمه الكبير والذي شبهه الناس بالنسر ممدود الجناحين وشبهوا القبة برأس النسر لذا عرفت بقبة النسر والتي ظلت قائمة تنطق شاهدة بأن الإيمان قوة تدحر القوي وكنز يزري بالكنوز،  ومن جملة عجائب قبب هذا المسجد يقال أن العنكبوت لا تنسج بيوتها به، كما أن الطير المعروف بالخطاف لا يدخله،  وقد حظي هذا الصرح العظيم  منذ إنشائه بإعجاب  وإطراء جميع الزائرين والمارين به لأنه يحمل من المعرفة التاريخية و المتعة الروحية ما جعله ثابتا في وجه الأدهار فظل يُخَّلِدُ إسم أمية وكما قال علي الطنطاوي رحمه الله  :"

ذهبت أمية بمالها وسلطانها ولبث وحده يخلد  في الدنيا إسم أمية، فكان أبقى مِن كل مانالت أمية من مال و سلطان".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مصطلح عيشة راجل

انتفاضة قسنطينة سنة 1934م

الألعاب الشعبية في الجزائر