الألعاب الشعبية في الجزائر

كانت الألعاب الشعبية تشكل في الماضي القريب عنصرا مهما في تراثنا الشعبي وجزءا هاما من ذاكرتنا الشعبية المتوارثة بين الأجيال لأنها كانت  تنقل ملامح الحياة الاجتماعية و التراث الثقافي الذي كان سائدا في حقبة من الحقب
وقد رسخت الألعاب الشعبية بذاكرتنا لأنها ارتبطت بطفولتنا التي نحن إليها من حين إلى أخر ، نحن إلى تلك المحبة و الألفة التي  جمعتنا مع أولاد الجيران في براءة يفتقدها اليوم أبناءنا بسبب التقدم التكنولوجي الذي غيب الألعاب الشعبية وأبدلها بالألعاب الإكترونية التي تحرم الطفل من اللعب في الشارع، فوجدها الآباء  حجة لحماية أطفالهم من الشارع الذي أصبح يفتقد للامان  فالخوف على الأبناء  من الاختلاط بأولاد الجيران و الخوف من الاختطاف أدى إلى اندثار الألعاب الشعبية وتلاشيها شيئا فشيئا ،أما ما بقي يصارع من أجل البقاء نجده محصورا في بعض الأحياء الشعبية و القرى
 تتنوع الألعاب الشعبية في أشكالها وأنماطها كما أن مسمياتها تختلف من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى  أخر وكذلك تفاصيلها قد تختلف إلا أن مبادئها الأساسية ثابتة لا تتغير
 ومن أهم هذه  الألعاب التي كانت متداولة في طفولتنا "الغميضة، لكرود، القاط ،البارادي ، الزربوط، البازوقة ،الحبل ،القرعة "وغيرها من الألعاب الشعبية التي تتميز بمبدأ البساطة في الأداء ، أما التي تعتمد على الحوار فإنها تربط الحركة بلحن وإيقاع مميز كلعبة احجيجل امجيجل التي تلعب داخل حلقة دائرية  مغلقة من الأطفال تبسط أيديهم على الأرض ويقوم احدهم بتحريك أصبعه السبابة على الأيدي المبسوطة وهو يردد الأغنية التالية:
 احجيجل امجيجل
 وين كنت البارح؟ 
في جنان الصالحة
 واش شربت واش كليت؟
 من تفاح ومن نفاح
 واش تدي من دبوزة ولا نحلة
 ومن  تقع عليه  الكلمة أثناء تمرير السبابة يقوم باختيار إحدى هذين الاقتراحين إما أن يضرب بدبوزة( أي بضربة على يده) أو تقرص يده على طريقة النحلة ، فإذا اختار أن يقرص يقوم اللاعب الأول بقرصه بشدة،  وهذا هو الهدف من اللعبة أن يتعلم الطفل القدرة على التحمل، ثم يخبا  يده داخل الملابس أو تسخن بهواء الفم وبعد برهة من الزمن يسئل واش طابت  خبيزاتك ولا مزال؟
وتستمر اللعبة مع من انتهت به فيقوم بإعادة الدور إلى نهاية اللعبة
إن هذا النوع من الألعاب الشعبية يساعد في بناء شخصية الأطفال اجتماعيا  لأنهم يتعلمون قواعد التواصل مع الآخرين و التكيف معهم ويكتسبون الثقة بالنفس ويزيد محصولهم اللغوي فمثلا كلمة احجيجل هي تصغير لكلمة حجل و الحجل هو طائر كان يتواجد بكثرة بمدينة جيجل ولهذا يقال احجيجل امجيجل أي حجل من جيجل، وإن هذا التغيير الطفيف على الكلمتين هدفه إحداث إيقاع متناغم في الجملة بدلا من أن يقال يا حجل من جيجل لأنها  ثقيلة نوعا ما على الأذن
وتخبرنا الخرافة الشعبية التي كانت متداولة قديما بالمنطقة  أن طائر الحجل غاب لفترة من الزمن عن مدينة جيجل وعندما رجع سئله الناس عن غيابه الطويل فأجابهم بأنه كان في جنان الصالحة
ثم يسأل مرة ثانية واش كليت واش شربت؟  أي ماذا أكلت؟ وماذا شربت؟ فيجيبهم غير التفاح و النفاح أي التفاح الذي تفوح منه رائحة عطرة وهذا المقصود بكلمة نفاح
وفي حقيقة الأمر فان هذه الحكاية هي وليدة البيئة المغربية ثم انتقلت إلى الجزائر فتعرضت  للتغيير
و السؤال الذي يجول بخاطرنا ما أصل هذه الحكاية ؟ من أطلقها؟ ما علاقة الطائر  بجنان الصالحة ؟ وان كان بالفعل هذا البستان موجود فأين يقع ومن هي الصالحة ؟ تلك الأسئلة سنحاول الإجابة عنها  في المقال القادم  إن شاء الله

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مصطلح عيشة راجل

انتفاضة قسنطينة سنة 1934م