المشاركات

عرض المشاركات من 2019

كلمتا زغبة و كعبى في اللهجة الجزائرية

كثيرا ما نستخدم في حياتنا اليومية عددا من  الألفاظ العامية  التي غالبا ما نجهل جذورها اللغوية أو حتى  جذورها التاريخية، فلا  نعرف أصلها ولا من أين جاءت ؟لكن بالبحث و التقصي  تتضح لنا أصول بعض الكلمات العامية  و التي غالبا ما يكون لها علاقة باللغة و الثقافة و الدين و التاريخ ، وفي هذا المقال اقتصرت على عرض لفظين غالبا ما يردان على لسان سكان الجزائر و المغرب الأقصى  لهما علاقة بتاريخ المغرب العربي في حقبة من حقبه. هما كعبى وزغبة هاتان الصفتان المتداولتان في القاموس العامي المغربي  كناية عن تعثر الحظ ، أما بالجزائر فكلمة زغبة  تدل على التصغير مثلا  نقول "هذا قد الزغبة"  أي هذا الشخص حجمه صغير  و كعبى فتطلق على الشخص الفريد من نوعه. وهاتان الكلمتان لهما معنى في قواميس و معاجم اللغة العربية الا ان العامة من سكان المغرب العربي حرفتهما عن معناهما الاصلي وربطتهما بأحداث تاريخية مرت على بلاد المغرب العربي بما يعرف بالتغريبة الهلالية  . فما علاقة هاتان الصفتان بقبيلتي كعبة و زغبة العربيتين التي جاءتا من المشرق العربي إلى المغرب ؟  و هذا السؤال  هو الذي جعلني أقوم بالحفر في جذر ال

علي باشا أو غسال التشوالق

صورة
شهدت الجزائر في الفترة الأخيرة من الحكم العثماني (1800-1830) تدهورا عاما في  المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، ومما زاد الأمر تدهورا هو تدخل قادة جيش الانكشارية في الشؤون السياسية و الإدارية للدولة وقد  كان جل همهم تحقيق المجد و الثروة.  وقد  عرفت هذه الفترة ظاهرة الاغتيالات  في أوساط السلطة الحاكمة حيث قتل خلالها تسع دايات ، وقد وصل الأمر بالانكشارية  تعيين وعزل الدايات و البايات  كما يحلو لهم  حتى وإن كانوا غير مؤهلين  للحكم  فهمهم الوحيد تعيين حكام بمثابة دمى يحركونها بما يخدم مصالحهم وهذا هو حال واقعنا! فالمؤسسة العسكرية لازالت تختار من يحكم البلاد!!و الوقائع التاريخية تتشابه في الكثير من الأحيان مع واقعنا الحالي!! وقد أدى بهم الأمر ( الانكشارية) في إحدى المرات إلى تعيين رجل  وضيع الرتبة عديم الأخلاق( 1)  لم يكن له عملا سوى امتهان غسل ثياب الناس على قارعة الطريق ولهذا عرف هذا الباي في كتب التاريخ بغسال التشوالق. و( التشوالق  هي الخرق البالية من القماش في لغة سكان العاصمة قديما) وتعود أحداث  هذه القصة إلى سنة 1808م  عندما  ثار العسكر على أحمد باشا وقتل

بعض الكلمات من اللهجة الجزائرية التي لها علاقة باللغة العربية الفصحى

تحمل اللهجة الجزائرية في طياتها بعض المفردات العربية الدخيلة على الفصحى التي تصادفنا يوميا منها ما بقي على معناه ولم تحرفه العامة و منها ما تغير ، فمن الكلمات الدخيلة على اللغة العربية الفصحى و التي لها معنى مغاير في عاميتنا " تسرسب فلان "فهو مسرسب بمعنى اختل شعوره واختلط ذهنه وهي كلمة فارسية في عاميتنا تسرسب فلان أي تخفى بين الناس " الحوش "أصلها من كلمة الحش بضم الحاء و معناها البستان والعامة أقحموا حرف الواو بين الحاء و الشين فأصبحت حوش وهو فناء بوسط الدار " كلمة تشردق " يقولون تشردق بريقه أو بالماء و الصواب شرق أي شرقتلو لكن في عاميتنا توصف على الأشياء التي تغير حجمها الطبيعي " حاص فلان" أي حار و تقلق أما عندنا أخذ ما لا يخصه " حاووز "معناها مجمع الماء كالخزان أما عندنا حاووز فلان بمعنى طرده " دز فلان على فلان" أي حرش فلان على فلان ليوقع خصاما و العداوة بينهما بينما بعاميتنا تعني دفع الشخص بنية إسقاطه أرضا " دعق "الإدخال بعنف وفصيحه عدق بتقديم العين على الدال يقال عدق يده أي ادخلها في شيء ما ، أما في

الطبخ التقليدي الجزائري

صورة
يمتاز المطبخ الجزائري بتنوع الأطعمة و الحلويات التي هي نتاج امتزاج حضارات ببعضها البعض كالحضارة البربرية و العربية و الأندلسية و التركية ، ولاشك أن العرب الفاتحين قد حملوا إلى المغرب العربي تقاليدهم الغذائية في بداية القرن الثامن ميلادي فأثروا و تأثروا بالطبخ الأمازيغي واغنوه بأكلات عديدة كالعصيدة و الثريدة و أنواع الخبز المختلفة وبوادر التأثير حصلت عندما جاءت نخبة من العلماء العرب مع أسرهم في أعقاب الخلافة العباسية ولقد كان أثر العهد العباسي واضحا من خلال القطايف العباسية و الفطاير و الكنافة و الزلابية و لقم القاضي و الهريسة و كعب غزال و الرشته التي نقلت من المطبخ البغدادي إلى الأندلس في القرن التاسع ميلادي وينسب الفضل في نقلها الموسيقى زرياب الذي هاجر للأندلس، كذلك هجرة بعد البربر الذين نقلوا بعض من أطعمتهم كالطواجن المحشوة باللحم والشواء المشوي على الفحم و المرقاز والكرشة المحشية و القديد   إن هذا التشابك الحضاري بين الناس من خلال الهجرة و الانتقال أدى إلى ظهور أكلات جديدة في الأندلس منها البركوكس الذي يعرفه الأندلسيون بالزبزين و البسطيلة و السفنج و المسمن بالعسل و المرمز و الم

جنان الصالحة

صورة
بحكم تشابه القيم و العادات و التقاليد  في بلدان المغرب العربي نجد أنواع كثيرة من التراث الثقافي منتشرا في أوساط مجتمعات هذه الدول  فليس مستغربا أن نجد مثلا  الألعاب الشعبية المتداولة قديما في  بلاد المغرب الأقصى نفسها في الجزائر إلا أننا قد نجد كما ذكرت في المقال السابق أن مسمياتها تختلف من مكان لأخر وكذلك تفاصيلها إلا أن مبادئها الأساسية تبقى ثابتة لا تتغير، و قدمت  مثالا على لعبة احجيجل امجيجل التي كانت سائدة في المجتمع الجزائري حتى وان كانت تختلف من منطقة إلى أخرى إلا أن مضمونها واحد ، وفي حقيقة الأمر فان هذه اللعبة هي وليدة البيئة المغربية لكن بانتقال هذا  التراث الشعبي شفهيا على السنة الناس احدث فيها تغييرا وإضافات على المعنى العام تأثرا بالبيئة التي وصل إليها  اشتهرت ببلاد المغرب الأقصى لعبة من الألعاب الشعبية القديمة تدعى اجرادة مالحة  وطريقة اللعب هي نفسها الموجودة في الجزائر إلا أن الأغنية تختلف كلماتها  وقد توارثتها الأجيال عن بعضها البعض و  مطلعها كالتالي آجرادة مالحة فين كنتي سارحة؟ في جنان الصالحة؟ آش كليتي؟ آش شربتي؟ التفاح و النفاح  والــــحــــكــــمــــة

الألعاب الشعبية في الجزائر

صورة
كانت الألعاب الشعبية تشكل في الماضي القريب عنصرا مهما في تراثنا الشعبي وجزءا هاما من ذاكرتنا الشعبية المتوارثة بين الأجيال لأنها كانت  تنقل ملامح الحياة الاجتماعية و التراث الثقافي الذي كان سائدا في حقبة من الحقب وقد رسخت الألعاب الشعبية بذاكرتنا لأنها ارتبطت بطفولتنا التي نحن إليها من حين إلى أخر ، نحن إلى تلك المحبة و الألفة التي  جمعتنا مع أولاد الجيران في براءة يفتقدها اليوم أبناءنا بسبب التقدم التكنولوجي الذي غيب الألعاب الشعبية وأبدلها بالألعاب الإكترونية التي تحرم الطفل من اللعب في الشارع، فوجدها الآباء  حجة لحماية أطفالهم من الشارع الذي أصبح يفتقد للامان  فالخوف على الأبناء  من الاختلاط بأولاد الجيران و الخوف من الاختطاف أدى إلى اندثار الألعاب الشعبية وتلاشيها شيئا فشيئا ،أما ما بقي يصارع من أجل البقاء نجده محصورا في بعض الأحياء الشعبية و القرى  تتنوع الألعاب الشعبية في أشكالها وأنماطها كما أن مسمياتها تختلف من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى  أخر وكذلك تفاصيلها قد تختلف إلا أن مبادئها الأساسية ثابتة لا تتغير  ومن أهم هذه  الألعاب التي كانت متداولة في طفولتنا "الغميضة،

مدينة سيدي بوسعيد التونسية

صورة
تعتبر مدينة سيدي بوسعيد الساحرة من أجمل الأماكن السياحية بتونس،عندما  تتجول تحت زرقة سمائها وعلى حافّة بحرها تستنشق هواءا صافيا وتسحرك بيوتها العتيقة التي تتميز بفن معماري عربي إسلامي أصيل تتسم أزقتها و حاراتها الضيقة بسمة الهدوء و الراحة، يغلب عليها اللون الأبيض كبياض الغيوم، أما أبواب البنايات وشبابيكها فلونها ازرق كزرقة البحر، مزينة بنقوش وزخارف غاية من الجمال تتربع مدينة سيدي بوسعيد في قمة منحدر صخري يطل على مدينة قرطاج التاريخيّة وخليج تونس، كانت تُسَمَّى في العهد الحفصي ناظور قرطاج وجبل المرسى، ثمّ لُقّبت بـجبل المنار بعد الفتح الإسلامي، وفي نهاية القرن التاسع عشر تغيّرت رسميًّا هذه التسمية من جبل المنار إلى سيدي بوسعيد وذلك نسبة إلى الولي الصالح أبو سعيد خلف ابن يحي التميمي الباجي  (1156-1230) الذي كان قد  ذاع صيته بالمنطقة لورعه وتفرغه لنشر التعاليم الصوفية،ولما مات دفن بها فسميت باسمه ،وفي بداية القرن الثامن عشر بنى حسين باي جامع الزاوية الذي يشمل ضريح أبي سعيد وفي جو روحاني تتجمع عدد من النسوة حول ضريحه يشعلن البخور ويقمن بطقوس روحان

الأسبلة الخيرية

صورة
تعتبر الاسبلة المائية جزء هام من الوقف الخيري لأنها تنعكس إيجابا على العامة و الواقف يكسب الأجر و الثواب حتى من بعد مماته فأجرها لا ينقطع لقول الرسول صلى الله عليه وسلم  " إذا مات ابن ادم  انقطع عمله  إلا من ثلاث :  صدقة جارية أو عمل ينتفع به أو  ولد صالح يدعو له  " رواه  مسلم  ،  وتندرج الاسبلة المائية ضمن الصدقة الجارية ولهذا حرص المسلمون منذ نشأة الدولة الإسلامية على الاهتمام بالوقف المائي الخيري   ،  ويعد عثمان بن عفان رضي الله عنه  أول صاحب سبيل في الإسلام عندما اشترى بطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم  بئر رومة  في المدينة المنورة فاشتراه من صاحبه اليهودي وأوقفه لسقاية المسلمين بعد أن كان اليهودي يأخذ مبالغ طائلة من المسلمين ثمنا للمياه التي يأخذونها من البئر ومع ازدهار الحضارة الإسلامية اقبل خلفائها من الأمراء و السلاطين على إنشاء اسبلة الماء لكسب الثواب فكانت من أهم المظاهر الإنسانية  والمعالم الحضارية  التي شهدها التاريخ الإسلامي ،   وفي مصر أنشا أول  سبيل في  العصر المملوكي في القرن الثاني عشر  ميلادي كما شهد العهد العثماني  هذه العادة الحضارية فسارع سلاطينها إل

مدينة المهدية التونسية

صورة
نقل الخليفة العبيدي  عبيد الله المهدي  خلافته من مدينة رقادة  التونسية  إلى مدينة المهدية بالتراب التونسي  نتيجة اضطراب الأحوال السياسية برقادة   وقد اشتق اسم المهدية من المهدي ، وكان الغرض من بنائها  حاجته إلى مدينة ساحلية تمكنه من مواجهة البيزنطيين الذين كانوا يغيرون على سواحل المغرب انطلاقا من جنوب ايطاليا وصقلية ، وتتيح له بسط السيطرة على الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط و على كامل جزيرة صقلية وكان موقع المهدية موقعا استراتيجيا من الناحية العسكرية حيث يحيط بها البحر من ثلاث جهات ويتعذر الدخول إليها من جهة الغرب ،  بالإضافة إلى ذلك فان عبيد الله بنى البيوت  من الصخر إمعانا في تقويتها وجعل للمدينة بابين من الحديد وأقام على مدخل الميناء الذي  نقره في الصخرة برجين عظيمين للحراسة ربط بينهما بسلاسل من الحديد لتحول دون دخول السفن الغربية إلى الميناء وقسم المدينة لقسمين منفصلين عن بعضهما انفصالا تاما فالأولى المهدية ابتنى فيها القصور ودورا لآل بيته ورجال دولته وجنده وأما الثانية زويلة اتخذها سكنى للعامة رتب فيها الدكاكين و الأسواق  والممر الرئيسي بين إحدى المهديتي