مدينة مراكش التاريخية

تعتبر مدينة مراكش من أهم المدن السياحية بالمغرب الأقصى يأتي السياح إليها من كل بلدان العالم من أجل الإسترخاء و التمتع بسحرها الجذاب  
توصف مدينة مراكش بالمدينة الحمراء نظرا للون الغالب على مبانيها فقد حرص الموحدون وكل من جاء من بعدهم من المرينين و السعديين على أن تصبغ حيطان الأساور والمباني بلون الآجر والطين الأقرب إلى الحمرة بما يتوافق ولقب المدينة الحمراء



 كان لهذه المدينة أهمية في التاريخ  المغربي الإسلامي ، فقد شهدت توالي خمس سلالات أثرت بشكل قوي على مصيرها  وكانت البداية مع المرابطين  ، فالفضل يعود إليهم في تأسيسها ؛ جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي أن مؤسسها هو الأمير يوسف بن تاشفين وقد عرف ياقوت هذه المدينة فقال عنها:
"مراكش بالفتح ثم التشديد وضم الكاف و الشين المعجمة، أعظم مدينة بالمغرب واجلها ، وبها سرير ملك بني عبد المؤمن وهي البر الأعظم، بينها وبين البحر عشرة أيام في وسط بلاد البربر، وكان أول من اختطها يوسف بن تاشفين  من الملثمين الملقب بأمير المسلمين في حدود سنة 470ه"
وتختلف الروايات في تفسير إسم مراكش  فيرى البعض أنها  كلمة أمازيغية تعني "مرّ بسرعة" فقد كانت قبل تأسيسها موضعا  خاليا  يقطع فيه اللصوص على القوافل فعندما تمر القوافل من هذا المكان تقول مراكش أي أسرع المشي  مخافة أن يلحق بهم اللصوص.
 يقول ياقوت الحموي:" كان موضع مراكش قبل ذلك مخافة ، يقطع فيها اللصوص على القوافل، كان إذا إنتهت القوافل إليه قالوا مراكش معناه بالبربرية أسرع المشي"
ويرى آخرون أن "أكش" اسم إله قديم  وهناك من يرى أن اسم "مراكش" يرجع إلى الكلمة الأمازيغية أموراكش، وتعني بلاد الله أو أرض الله
تزخر مدينة مراكش بالمعالم الأثرية التاريخية والحضارية الشاهدة على تاريخ عريق، منها:
 أسوار مراكش  التي تعود إلى القرن الثاني عشر ميلادي  ، فقد أمر الأمير  علي بن يوسف بن تاشفين ببناءها  لحماية المدينة من الموحدين 

وهذه الأسوار مزودة بأبواب أبرزها باب أكناو ودكالة



ومن المعالم الأثرية الباقية من العهد المرابطي  أيضا القبة المرابطية، التي تبين جمال الفن المعماري المرابطي، ويعود تاريخ بنائها إلى القرن الحادي عشر ميلادي




 أمر  الأمير علي بن يوسف بن تاشفين ببنائها لتكون دار وضوء للمصلين الذين كانوا يقصدون جامع بن يوسف الذي بناه والده يوسف إبن تاشفين،وبعدها بمدة أكمل بنائه الأمير علي بن يوسف؛  ويعد هذا المسجد من أقدم وأهم مباني المدينة



وقد أسهمت دولة الموحدين  التي جاءت بعد المرابطين في تطوير المدينة بعدما اتخذتها عاصمة، وتركت فيها معالم لا تزال قائمة كمسجد الكتيبة  الذي أمر الخليفة الموحدي عبد  المؤمن ببناءه  ،و قد أتم بناء منارته الشهيرة  الخليفة يعقوب المنصور الموحدي ،  وبالرغم من أن المسجد يتميز بتصاميم بسيطة  إلا أنه يعتبر من أجمل المآثر التاريخية الموجودة في بلاد المغرب العربي 











وقد سمي هذا المسجد بالكتبية نسبة الى باعة الكتب المجاورة للمسجد

وتشتهر مدينة مراكش بمساجدها العريقة التي  تتميز بهندسة معمارية بسيطة و جميلة 





ومن القصور الملكية التي لازالت تتوسط المدينة :
قصر البديع  الذي يعد نسخة طبق الأصل لقصر الحمراء ، يرجع تشييده إلى الأمير السعدي  أحمد المنصور الذهبي  عام 1578م ؛ تعرض القصر للتخريب وتغيرت ملامحه الأولى التي بني عليها، ويعتبر بعض المؤرخين والجغرافيين القدامى هذا القصر  من عجائب الدنيا





قصر الباهية  بني هذا المعلم التاريخي  في أواخر القرن 19م ، وقد استغرق بنائه سبع سنوات ، ومن هنا جاءت المقولة الشعبية الشهيرة كملت الباهية للإشارة إلى قضية استغرقت الكثير من الوقت ، وعندنا بالجزائر نقول هذه المقولة المغربية للعروس التي استغرقت وقتا طويلا في صالون الحلاقة

جامع الفنا ويعود تأسيسه إلى العهد المرابطي 


وكذلك الساحة المحيطة به و التي تعد القلب النابض لمراكش ،  فهي ساحة تعج بالحياة وتعبق بالفن وقد سميت بساحة الفناء إشارة إلى عمليات الإعدام العلنية التي كانت تنفذ في تلك الساحة الشاسعة  

أما اليوم فهي  عبارة عن سوق يعج بالحياة تتعالى فيه هتافات الباعة من كل جهة  ، و تعرض فيه أجود الصناعات  التقليدية: كالفخار و النحاس و الجلود و الزاربي  و غيرها









وتعلو روائح الأعشاب و التوابل 


لتختلط مع روائح طعام الاكشاك و المطاعم التي تقدم أشهر الأكلات المغربية التقليدية



بالإضافة إلى اكشاك الحلويات التقليدية    
   


                                                                        

 وتتوفر الساحة أيضا على   اكشاك لبيع عصير الفواكه الطازج  كما توجد طاولات لأ لذ الفواكه الموسمية 





 وتعد هذه الساحة مكانا للعروض  الفنية حيث يجتمع فيها رواة القصص، ومروضي الأفاعي 

  والسّحرة و المشعوذون 




 و العرافات و البهلاويين  و الدراويش وووو، لكل وجهة هو موليها ، وإليهم جميعا تلتفت الأنظار فترى حولهم جموعا من الخلق بكل أطياف البشر أتوا من كل فج عميق 



 وعادة تبتدأ  الاحتفالات الموسيقية  ليلا  




فنصادف في الساحة  مجموعات القناوة التي تتراقص على ايقاعات القراقش  وفرق العيساوة

 التي تقوم بأعمال غريبة عن طريق البخور الذي يتصاعد دخانه إلى السماء   فيهيأ  للناظر من بعيد كأن  المدينة تحترق 

كانت مدينة مراكش في عهودها الزاهرة تضم العديد من العلماء و الفقهاء وشيوخ الصوفية   الذين لعبوا  دورا كبيرا في نشر الوعي السياسي والفكري والتربوي وسط سكانها، وفي كل بقعة من هذه المدينة نجد أضرحة ومقابر لهؤلاء العلماء 
 و تلقب  مدينة مراكش بمدينة سبعة رجال  نسبة إلى سبعة رجال من العلماء الذين اشتهروا بهذه المدينة منهم:
يوسف بن علي الصنهاجي، وعياض بن موسى اليحصبي، وأبو العباس السبتي، ومحمد بن سليمان الجزولي، وعبد العزيز التباع، ومحمد بن عجال الغزواني، وعبد الرحمن الضرير
وبالاضافة إلى أضرحة  السبعة أولياء الذين اشتهرت المدينة بهم هناك العديد من الأضرحة للملوك و السلاطين الذين حكموا المدينة كضريح يوسف بن تاشفين 
و ضريح السّعديين: الذي يعد من  أشهر المعالم السياحية في مراكش؛  وهو عبارة عن مقبرة ملكية  ، دفن فيها ملوك السعديين  ، وبعض الأفراد من العائلة السعدية التي حكمت المغرب ، تم تشييد  هذا الضريح في عام 1557 وكان ذلك في عهد السلطان عبد الله الغالب، وقام العديد من السلاطين بإقامة توسعات على الضريح منهم السلطان أحمد المنصور






ومن المعالم الأثرية بمدينة مراكش متحفها الشهير 




 كما تضم المدينة متاحف للصناعات التقليدية 





تتميز مدينة مراكش المغربيّة بجمال متنزهاتها و حدائقها 

وتتوفر فيها  شبكة مواصلات حديثة  كالمطار ، و السّكك الحديديّة  و الحافلات 


 مما يوفر للسائح التنقل بسهولة ،  وبفضل مساحتها الشاسعة تسمح المدينة بالقيام  بجولات على عربات تجرها الخيول للتمتع  بجمال المدينة ذلك الجمال  الممزوج بثقافات قديمة وحديثة  ، وهناك من يفضل المشي على القدمين للتمتع بسحر المدينة والتقاط أجمل الصور الفتوغرافية  .
المصادر :
- سعدون عباس نصر الله  دولة المرابطين في المغرب و الاندلس عهد يوسف بن تاشفين امير المرابطين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مصطلح عيشة راجل

انتفاضة قسنطينة سنة 1934م

الألعاب الشعبية في الجزائر