علي باشا أو غسال التشوالق

شهدت الجزائر في الفترة الأخيرة من الحكم العثماني (1800-1830) تدهورا عاما في  المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، ومما زاد الأمر تدهورا هو تدخل قادة جيش الانكشارية في الشؤون السياسية و الإدارية للدولة وقد  كان جل همهم تحقيق المجد و الثروة.
 وقد  عرفت هذه الفترة ظاهرة الاغتيالات  في أوساط السلطة الحاكمة حيث قتل خلالها تسع دايات ، وقد وصل الأمر بالانكشارية  تعيين وعزل الدايات و البايات  كما يحلو لهم  حتى وإن كانوا غير مؤهلين  للحكم  فهمهم الوحيد تعيين حكام بمثابة دمى يحركونها بما يخدم مصالحهم وهذا هو حال واقعنا! فالمؤسسة العسكرية لازالت تختار من يحكم البلاد!!و الوقائع التاريخية تتشابه في الكثير من الأحيان مع واقعنا الحالي!!
وقد أدى بهم الأمر ( الانكشارية) في إحدى المرات إلى تعيين رجل  وضيع الرتبة عديم الأخلاق( 1)  لم يكن له عملا سوى امتهان غسل ثياب الناس على قارعة الطريق ولهذا عرف هذا الباي في كتب التاريخ بغسال التشوالق.
و( التشوالق  هي الخرق البالية من القماش في لغة سكان العاصمة قديما)
وتعود أحداث  هذه القصة إلى سنة 1808م  عندما  ثار العسكر على أحمد باشا وقتلوه ثم أتوا بباي تركي  جديد وبايعوه أميرا وأجلسوه  على كرسي الحكم
 وقد كان هذا الشخص أتى إلى الجزائر باحثا عن العمل فلم يجد عملا إلا غسل ملابس الناس ، وفي إحدى المرات كان جالسا كعادته يقوم بغسل  الملابس ، إذ مرت به دورية من جنود الجيش الإنكشاري،  كانوا قد اتفقوا قبل خروجهم من قصر الجنينة على إحضار أول شخص يصادفونه في الشارع ليكون الحاكم الجديد  
فكان أول من صادفوه هو  غسال التشوالق وفجأة  هجموا عليه وحملوه على أكتافهم وهم يصرخون هاهو حاكم الجزائر الجديد ،وما كان بإمكان هذا البائس أن يرفض خوفا من العواقب التي قد تكلفه حياته
بعدها بلحظات، تم إجلاسُه على كرسي الحُكم، داخل القصر وأصبح لعدة أشهر الباشا الجديد للجزائر وهكذا بين 
عشية و ضحاها وجد غسّال التشوالق نفسه حاكما لأكبر دولة في الخلافة العثمانية و في البحر الأبيض المتوسط.
ومن أول أعمال علي باشا أو غسال التشوالق  التي قام بها هو تبديله لجميع الوزراء وبعد ثلاثة أيام عزلهم وعزل جميع العمال كما أنه نفى  الرايس حميدو الذي ربما كانت شهرته تزعجه رغم انه لم يكن هناك ما يبرر خشيته منه كمنافس له على السلطة بما أن الرايس حميدو لم يكن تركيا(٢). 
وقد تولى علي باشا أوائل أيام السلطان محمود العثماني ولولا الفتنة العسكرية الدهماء ما كان يصل لمرتبة الباشوية  ولو لأمد قصير ، ولم يكن الباشا الجديد أحسن ممن سبقه إذ حدث  له ما حدث لسابقه  فبعد مرور 4 أشهر من انتخابه مات مقتولا ففرحته لم تدم بالحكم طويلا.
ففي أول اجتماع مع قادة الجيش طالبوه بالتوقيع على قرار يسمح لهم بنهب كل ما في الخزينة من أموال فرفض بحجة أنه لو سمح لهم بنهب خزينة الدولة فمن أين له أن يدفع رواتب الجنود ومستلزمات الدولة؟ وبعد تفكير سمح لهم بنهب أموال أوقاف الحرمين! إلا أن قراره هذا لم يستحسنه العامة فقاموا بثورة عارمة ضده  انتهت بقتله على يد من أجلسوه على كرسي الحكم من أجل تسكيت العامة.
١-مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار نقيب أشراف الجزائر تحقيق  أحمد توفيق المدني
٢_الرايس حميدو أميرال البحرية الجزائرية 1770م 1815م  لعلي تابليت

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مصطلح عيشة راجل

انتفاضة قسنطينة سنة 1934م

الألعاب الشعبية في الجزائر